نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. كيانات لا دُوَلاً ..., اليوم السبت 11 يناير 2025 11:19 مساءً
نشر في الشروق يوم 11 - 01 - 2025
ما حدث في عملية انتخاب رئيس لبنان، من تدخل أجنبي سافر بلغ حدّ حضور " الكوميسيون السياسي" الغربي ومراقبته من الطابق الثاني عملية الاقتراع و التحكم في التوافقات و توزيع الأصوات بعد أن ضمن قبل جلسة الانتخاب انسحاب جميع المرشحين لفائدة المرشّح الذي اختارته اللجنة الخماسية، يعطي الدليل على أننا دخلنا مرحلة الكيانات بعد أن خرجنا من مرحلة الدولة الوطنية. وهذه الكيانات بات قرارها السياسي رهين الخارج و رهين الصفقات التي تعقد على الهواء مباشرة ودون خوف من ردّة شعوب خاملة. و لا توجد دولة واحدة على الاقل في تاريخنا الراهن وقع اختيار رئيسها تحت "قوة السلاح" كما حدث في لبنان.
ولكن حالة الكيانات العربيّة، قد بدأت بالظهور في واقع الأمر منذ عام 2011، حيث تم إلغاء الدولة الوطنية و تم إسقاط الأنظمة التي تبنت خيار القومية العربية، وأحلّت محلها هذه الكيانات المشوّهة التي لا طعم لها و لا رائحة سوى رائحة العمالة و الخنوع. وعلينا أن نستذكر حالات هنا، مازالت قائمة. ففي ليبيا على سبيل المثال مُنِع الشعب الليبي من التوجّه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات الرابع و العشرين من ديسمبر 2021، بسبب ما سمته وقتها هيئة الانتخابات ب"القوة القاهرة"، وهذه القوة لم تكن سوى "فيتو " خارجي يرفض عودة سيف الإسلام القذافي إلى السلطة بعد أن أعلن الشعب الليبي عن رغبته في طي الطبقة السياسية التي دمرت وطنه، و العودة إلى ماضي الاستقرار و التنمية. ولأن الحالة الليبية هي حالة مبتدعة في الأنظمة السياسية المعاصرة، فإنّ أضعف قوة خارجية تمتلك كل الأدوات للتصرف في الشأن الليبي و توجهه إلى حيث تتحقق مصالحها. وفي مصر تغير موقف السلطات هناك تغيرا كبيرا بعد بيان سفراء مجموعة السبعة في مارس 2022، الخاص بالحرب على أوكرانيا، فرغم حدة الموقف في غزة فإن مصر لم تتخذ موقفا قويا، ينصف الشعب الفلسطيني. وحتى تونس لم تسلم من هذه التدخلات قبل سنة 2021، فقد شهدنا زمن الترويكا حدة تدخل السفارات الأجنبية في تعيين الحكومات المتعاقبة، ولم يعتدل هذا الأمر إلاّ بعد أن استعادت الدولة مسؤوليتها في إدارة شؤون البلاد ضمن منطق سيادي مفقود في كثير من الدول العربية. إن الأمثلة على هذا الوهن العربي، لا تحدّ، ففي المثال السوري خير مثال على أنّ الطبخة الخارجية هي التي أتت بالجولاني المشتق من تنظيم القاعدة إلى سدّة الحكم، وضد رغبة الشعب السوري في تأسيس دولة وطنية عصرية. وفي كل الأحوال علينا أن ننتظر ما سيفرزه التفكير السياسي المعاصر، من مفاهيم و تسميات، حتى نستطيع أن نحدد هذه الحالة العربية التي كانت مزمنة فصارت مستعصية.
كمال بالهادي
.
0 تعليق